السبت، ٣ ربيع الأول ١٤٣٠ هـ

دِيتْرُوْيت وَرْشَةُ سَيّارَاتِكُم

وضاحيتها .. ديربورن العربية !
1416هـ - 1417هـ
1995م - 1996م

تعلن شركات صناعة السيارات الأميركية إجراءات عديدة للتخفيف من الخسائر التي تتكبدها بسبب الأزمة المالية العالمية ،
في وقت تتزايد فيه الضغوط لاتخاذ إجراءات عاجلة من أجل إنقاذ هذه الشركات التي يتهددها الإفلاس.

إن الحديث عن ديترويت هو حديث عن مدينة لا تخص الأمريكان وحدهم ؛ ولذا حين تتناقل وكالات الأنباء أن أكبر شركات السيارات - وأهمها تتوطن ديترويت - قريبة من إعلان إفلاسها , فإننا نعلم جيدا ما تنتجه هذه الشركات وتأثير ذلك في واقعنا .

ديترويت هي كبرى مدن ولاية ميتشيغان الأمريكية الواقعة شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية . تعرف المدينة بصناعة السيارات ، وتسمى باسم "Motor City" أي مدينة المحركات بسبب ذلك .

في ديربورن إحدى ضواحي حاضرة ديترويت تشعر أنك في بلد عربي , فربما تجد أمامك اليمني والعراقي , ثم تلتفت فترى اللبناني أو الفلسطيني .. إذ تقدر نسبة العرب الأمريكان فيها بـ 30% أغلبهم من لبنان وفقا للويكيبيديا, وفي نسخته العربية أنها " أكبر المدن الأمريكية للتواجد العربي - الأمريكي إلى درجة أن عناوين أسماء المحلات التجارية فيها - حتى لو كانت ذات ملكية غير عربية - لا تخلو من اللغة العربية بشكل يوحي لك أنك في مدينة عربية ولست في الولايات المتحدة".

ويبدو في السنوات الأخيرة أنها تشهد حضورا واسعا للشيعة . فقد افتتح فيها ما يسمى بالمركز الإسلامي في أمريكا , والذي دعمه بقوة الرئيس السابق جورج دبليو بوش , ولا غرابة في ذلك إذ إن المركز يمثل طائفة الشيعة التي يدعمها بوش , يؤمهم حسن غزويني لبناني الأصل، وهو مستشار الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في الشؤون الإسلامية إلى جانب أنه من الأشخاص المقربين في الجالية الإسلامية إلى الرئيس بوش حسب ويكيبيديا .

في إحدى زياراتي إلى ديربورن دهشت وأنا عند الإشارة الضوئية في تقاطع طريق عام لمنظر رجل قد ارتدى البشت العربي بلباسٍ على الطريقة العراقية فيما بدا لي , يتهادى به بشكل اعتيادي كأنما يمشي في أحد شوارع بغداد أو الكويت أو الرياض . إن رجلا عربيا في مدينتنا التي نسكن فيها لبس الثوب يوما وخرج به إلى البقالة الصغيرة المجاورة , فسأله أحدهم أهذا لباس الهلاوين الخاص بك ؟!!!
وأن توجد الجالية العربية فهذا أمر مألوف في مدن أمريكية متعددة . ولكن أن تراهم أينما ذهبت في مدينة وبلباسهم التقليدبي بأثقل أعيرته , فهذا يعطيك الدلالة القوية على أن تلك الجالية تركيبة أساسية وعتيدة في هذه المدينة .

إنّ من أبرز أسباب وجود الإخوة اليمنيين واللبنانيين وغيرهم من العرب هو أنهم يمثّلون اليد العاملة في مصانع السيارات ؛ حيث تعد ديترويت هي موطن كل من الشركات : فورد وكرايسلر وجنرال موتورز . وديربورن بالتحديد هي موطن هنري فورد مؤسس شركة فورد موتور وأب تقنية خطوط التجميع . وإنك إن دخلت مسجد ديربورن يوم الجمعة تشعر أنك في إحدى الدول الإسلامية اكتظاظا بالمصلين .

زرت المدينة الأمريكية " العربية " ديربورن ثلاث مرات , إحداها كانت بعد رحلة إلى مدينة شيكاغو , وأخرى في طريق العودة من نياغرا فولز , إذ هي قريبة منها جدا حيث تجاور ديترويت مدينة ويندسور بأونتاريو كندا . وأما الزيارة الأخيرة فقد كانت ضمن رحلة طويلة طوّفنا فيها إلى الجنوب إلى ولاية تينيسسي حيث جبال الدخان ثم إلى مدينة لويفييل ومنها عرّجنا شمالا إلى ولاية ميتشغان ؛ فمررنا بمدينة كلامازو , ثم زرنا إيست لانسنق ثم ديترويت وضاحيتها ديربون وزرنا في كل منها أسرا صديقة .

لم تكن ديربورن تبتعد عن مكان إقامتنا كثيرا , وقد كانت زيارتنا إليها أشبه ما تكون زيارةً تموينية , حيث توجد البقالات العربية , والتي يمكن أن نجد فيها اللحوم الحلال والخبز العربي مرورا بأجبان الكرافت والقشطة وغيرها من المنتوجات التي اعتدناها في أسواقنا العربية ولم نجدها في البقالات الأمريكية .

ولا يمكن أن أخفي الحنين إلى المذاقات الشامية حيث تتضمن المدينة عددا من المطاعم العربية ومحلات الحلويات الشرقية , فكنا إذ ذاك ننتهز الفرصة لتناول الوجبة فيها أو التموين منها .

ومع ذلك الحضور العربي القوي حول ديترويت تجد أنها مدينة لا تختلف عن نمط المدن الأمريكية الكبرى , فمركز المدينة " الداون تاون" , يعج بالحركة والناس . حتى إذا ما غادر النهار وأقبل الليل وجدته ساكنا , لا ترى فيه سوى طرقا قد شقت سبيلها بين أبنية ممتدة الارتفاع شامخة بصمت مطبق , والمكان حولك ساكت هادئ . لا يتحدث في تلك الساعات الباردة في أول الليل من الشتاء إلا منافذ تصريف المياه .. حيث ترسل أبخرة المياه الساخنة فتفصح عن أبخرة كثيفة متصاعدة حين تلتقي والهواء البارد في وسط إسفلت الطرقات .. منظرٌ يتكرر كثيرا في إعلام ألعاب الفيديو والرسوم المتحركة وغيره ,

هنا تشعر بالفعل أنك في المشهد الأمريكي .



من أطرف وأغرب المواقف التي واجهتنا وأفزعتنا في إحدى زياراتنا , وربما كونت لدي انطباعا غير جيد عن المدينة هو ما حدث لنا في سَحَر الليلة التي وصلنا فيها من بافلو مدينة شلالات نياغرا إلى ديترويت , الطرافة والغرابة والفزع والانطباع السيء مزيجا تكوّن عند هذا الموقف الغريب الذي سأتركه للتدوينة القادمة ..

دمتم في إيمانٍ وسلامة ..

هناك ٣ تعليقات:

غير معرف يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كم استمتع بقراءة مدونتك وارحل معك الى حيث كنت ........
سلمتك اناملك يالغاليه ........ متابعة معك بشوق وشغف لمعرفة الموقف الغريب ...
دمتي بود...
ساميه

رحيل يقول...

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

سامية
أهلا بك يا رفيقة الديار ..
ليت رحلتنا سويا كانت في أرض الواقع
سأكون إذا المحظوظة برفقتك !!
ألا ترغبين أن نشترك في واحدة منها ؟

آمل ألا يكون الموقف الغريب
كغيره مما وعدت به فتأخرت ..
أعترف بالتقصير .

غير معرف يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جميل هو قلمك ، آستمتع كثيراً ب قراءة مدونتك ()

آيضاً متابعة لك ،