الأحد، ٢٤ رجب ١٤٢٩ هـ

جبال الدخان 5

تشيروكي .. والبحر المفقود

عَلَى هَامِشِ حَيَاةِ القَارّةِ الأَمْرِيكِيّةِ يَعِيْشُ أَصْحَابِهَا الأَصْلِيُّون ,
وَيُدَثّرُونَ بسُلْطَانِ مُحْتَلِّهَا كَمَا دُثّرُ البَحْرُ المَفقُودُ بمَغَارَةٍ سَوْدَاءَ ..

لسكان القارة الأمريكية الأصليين تاريخ في منطقة جبال الدخان في غرب ولاية نورث كارولاينا ففيها تسكن إحدى قبائل الهنود الحمر المتحضرة " تشيروكي " منذ آلاف السنين .

أين التشيروكيون اليوم ؟
منذ منتصف القرن السابع عشر الميلادي بدأ التواصل بين التشيروكيين والأوروبيين من خلال التجارة وتبادل المنافع وشيئا فشيئا انحسرت الحواجز بين القبيلة الهندية والمحتل الأبيض . ولم يبق من تاريخ تشيروكي المنبسط على منطقة غرب كارولاينا الشمالية إلا معالم سياحية.

القرية الهندية لتشيروكي هي إحدى هذه المعالم عند جبال الدخان , وقد اعتبرنا وجودها القريب فرصة جيدة للتعرف على ثقافة الهنود الحمر , سكان أمريكا الأصليين .
كانت تتطلب الزيارة للقرية الهندية الخروج في وقت مبكر ومجاوزة جبال الدخان في ولاية تينيسسي إلى جهتها الأخرى في ولاية نورث كارولاينا . وهناك تستقر في انزواء وسكينة قرية سياحية وسط الغابة تئن أنين اللهب المتضائل تحت طبقات الرماد . ثقافة منطفئة في جوف ثقافة متوهجة , ومع ذلك تجد الحماسة في وجوه العاملين والمرشدين فيها من أبناء تشيروكي يتحدّثون عنها بفخر شديد .

يتقدم التطواف في القرية كلمة تعريفية يلقيها أحدهم عند جمهرة من الزوّار متحلقين على مقاعد أعدّت لهذا الغرض . ثم تتناثر محطات تبين حياة التشيروكيين ونماذج حقيقية لمنازلهم ومجالسهم وحديثا عن زعمائهم , وعروضا عملية لفنونهم اليدوية التي يجيدونها كصناعة السلال , وصناعة القوارب من الجذوع التي يحرقونها بطريقة خاصة فيضل الدخان يتصاعد منها مدة زمنية طويلة إلى أن تكون جاهزة لصنعها قوارب .

كانت منازل الهنود الحمر بدائية بسيطة الأدوات منخفضة الأسقف , قليلة المتاع , بنيت من الخشب وتتكون من غرفة واحدة , بل هي في حقيقتها غرفة واحدة .. إما للنوم , فترى عددا من الأسرة بدائية الصنع فيها , أو لطهي الطعام فتجد مواقد سوداء يتراكم تحتها الحطب , أو مكان الاجتماع بزعيم القبيلة .. وبين هذه البيوتات الصغيرة طرقات من التراب .

وكما ترى في وجوه التشيروكيين الحماسة لتاريخ مضى ترى فيها كذلك مسحة الأسى قد خلّفتها يد الأمريكي الأبيض التي تتقن الاحتلال باحتراف . وخير حال يمكن أن توصف به تلك الاحترافية , هي ما قامت به ضيفتنا الزائرة في مادة " التدريس في مجتمع متعدد الثقافات " عندما كنتُ على مقاعد الدراسة . لقد كانت أستاذة أمريكية من أصول أفريقية وتتقن جيدا في المقابل فن الإحساس بالظلم ..
وفي ثنايا محاضرتها التي ألقتها ونحن جالسات معها في حلقة دائرية توقفت فجأة عن الحديث , ونظرت للجالسة عن يمينها وقالت بحزم وإصرار قومي عن مكانك .. أريد أن أجلس عليه لقد اكتشفته وهو لي ..
كلنا استنكرنا ذلك .. ثم أدركنا الرسالة التي أرادت توصيلها .. فناقشنا ذلك . وأفراد الأمريكيين في الجملة لديهم جانب من الإنصاف والتفكير الناقد .

في طريق العودة من القرية الهندية مررنا بمحل لبيع المصنوعات التقليدية للتشيروكيين . تجولنا فيه سريعا ثم عدنا لنستعد لآخر محطاتنا في رحلة جبال الدخان :
البحر المفقود The Lost Sea ...
متى فقد ؟ وأين هو الآن ..
سيأتيكم الخبر عما قريب ..
وأخرى هي الأخيرة إن شاء الله تعالى ..

هناك ٩ تعليقات:

غير معرف يقول...

موعدٌ جديد ، وانتظار آمل أن لا يطول !

متابعون
(F)

غير معرف يقول...

حكاية مسلية
بأنتظار اخبار البحر المفقود

شهيدة يقول...

وسط اكوام من الانشغالات .. آتي لاطرب لبوحك استاذتنا ..

وأسألك الدعاء


وافر الود


على الهامش بخصوص التصويت على التعليقات .. لو لم يكن هناك حقل تأكيد الكلمة لكان حسب رأيي أفضل ..

غير معرف يقول...

الحبيبة رحيل

حماكم الرب ورعاكم :(

عشنا كالعادة معك في جبل الدخان امتع اللحظات وكأني اتنفس رائحة الاعشاب البكر وزهور الجبال الندية هناك

قاتل الله دبدوب فقد حرمكم متعة الرحلة ولذة الشواء لكن تبقى ذكرى جميلة وتبقى الأرواح اغلى هذا دب مو لعب :(
وكما يقول المصريين:
"أماااال دا عمر مش بعزأة "

شكرا لقلمك لاعدمنا بنانك

your sister

غير معرف يقول...

الحبيبة رحيل

حماكم الرب ورعاكم :(

عشنا كالعادة معك في جبل الدخان امتع اللحظات وكأني اتنفس رائحة الاعشاب البكر وزهور الجبال الندية هناك

قاتل الله دبدوب فقد حرمكم متعة الرحلة ولذة الشواء لكن تبقى ذكرى جميلة وتبقى الأرواح اغلى هذا دب مو لعب :(
وكما يقول المصريين:
"أماااال دا عمر مش بعزأة "

شكرا لقلمك لاعدمنا بنانك

your sister Nawal

غير معرف يقول...

رائعة يارحيل ..

وسرد موفق
ينقصه الصور جدا مهمه في مواضيع السياحة

والله يحفظكم


أطيب تحية لكـ

غير معرف يقول...

شكر فادح لك ..

غير معرف يقول...

ماما ..

مرررة الحكااية راائعة ..

شكراااااااااااااا..

~ْ"(=)"ْ~

غير معرف يقول...

السلام عليكم ...

كل عام وأنتي بخير ... وعيد مبارك ...

أختي الكريمة أنا متابع صامت لهذه المدونة الرائعة ... ومعجب بإسلوب السرد هنا ...

وبحكم أنك متوقفة من فترة لإإنني أتمنى تكملي لنا بقية هذا السرد الرائع .

ثم أني أتمنى أن توضحي لنا كيف إستطعت أن تذهبي كل هذه الرحلات ... فأنا و رغم عشقي للسفر فإنني أستغرب دائماً كيف إستطعتي أن تطوفي العالم بهذه الطريقة ...

سرد ممتع وتعليق من أجل تحفيزك على إكمال بقية الحكاية ..

شكراً